البيان رقم (١)
بشأن الأنتخابات الرئاسية 2018
إقبال محدود لانتخابات ذات طبيعة استفتائية بمرشح أوحد كمم الأفواه ومنع كافة المنافسين المحتملين
في أجواء تفتقر الي المنافسة الشريفة وتكافؤ الفرص ومناخ عام يتسم بغلق المجال العام ، التضييق علي المجتمع المدني، ضعف الاحزاب السياسية وسيطرة الدولة علي وسائل الاعلام، تجري الانتخابات على مدى 3 أيام داخل مصر (26، 27، 28 مارس) على أن تعلن النتيجة في 2 ابريل 2018.
في أول بيان يصدره مركز أندلس بشأن سير العملية الانتخابية في الانتخابات الرئاسية المزعومة في مصر، يرصد مركز اندلس المناخ العام الذي تتم فيه هذه الانتخابات الاستفتائية التي لا تتسق مع المعايير الدولية لنزاهة الانتخابات وتتنافي مع قيم الديمقراطية الانتخابية في مناخ عام يتسم بالتالي :
• غلق المجال العام: تأتي الانتخابات الرئاسية القادمة، ومصر تعيش مشهد سياسي تشكل النزعة السلطوية للنظام الحالي وسعيه للسيطرة على المجال العام، أحد ملامحه الأساسية، ويتضح ذلك من خلال استخدام القبضة الأمنية وحملة الاعتقالات بحق الخصوم والمعارضين السياسيين، وإصدار سلسلة من القوانين والتشريعات التي وفرت للنظام الغطاء القانوني لإجراءاته القمعية، من بينها قانون التظاهر والذي ألغي عملياً حق المواطنين في التظاهر والاحتجاج السلمي، حيث استندت إليه السلطة لاستهداف واعتقال عدد كبير من المعارضين والنشطاء الحقوقيين بتهمة خرق القانون، وقانون الكيانات الإرهابية الذي يعتبر أحد أكثر القوانين عصفاً بالحقوق والحريات، لما يتضمنه من صياغات فضفاضة تخلط بين الكيانات الإرهابية والكيانات الأخرى، كما يضع قيوداً مشددة على عمل وسائل الإعلام ويوقع عليها غرامات مالية ضخمة في حال نشرها بيانات مخالفة لبيانات وزارة الدفاع. واستغلته السلطة في إدراج أكثر من 1500 شخص على قوائم الإرهاب في يناير 2017. كما جاء إعلان النظام مد حالة الطوارئ بداية من 13 يناير الجاري ولمدة ثلاث أشهر تنتهي في 13 إبريل المقبل، استكمالاً لتأميم الحياة السياسية، حيث يتضمن سلطات واسعة ومطلقة للسلطة التنفيذية والتي تشكل عائقاً رئيساً أمام تمتع المرشحين المنافسين والمواطنين بحقوقهم الدستورية، فتم عودة العمل بمحاكم أمن الدولة العليا طوارئ والتي لا يجوز الطعن على احكامها، وكذلك مراقبة الرسائل والصحف والمطبوعات ومصادرتها.
• ملاحقة وترويع المنافسين: يخلو المشهد السياسي من منافس حقيقي للسيسي خصوصا بعد حملة التشويه والتشهير والتخويف التي طالت كل من أعلن ترشحه او نيته الترشح لمنصب رئاسة الجمهورية، فبعد أن أعلن الفريق شفيق رئيس وزراء مصر الأسبق نيته الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، في تسجيل مصور من الامارات في 29 نوفمبر 2017، شنت وسائل الاعلام الموالية للنظام حملة تشهير ممنهجة عليه، واتهمته بالعمالة لتركيا وقطر، وبأنه مدعوم من جماعة الاخوان المسلمين، وتم ترحيله من دولة الامارات العربية لمصر، وتم وضعه تحت الإقامة الجبرية، كما تم القبض على 3 من مؤيديه واتهموا بنشر معلومات كاذبة تضر بالأمن القومي، مما جعله يتراجع عن ترشحه، وقال شفيق في بيان نشر على صفحته بموقع "تويتر" إنه "بالمتابعة للواقع، فقد رأيت أنني لن أكون الشخص الأمثل لقيادة أمور الدولة خلال الفترة القادمة. ولذلك، فقد قررت عدم الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة 2018". كما تم القبض على العقيد أحمد قنصوه الذي أعلن ترشحه للانتخابات في 29 نوفمبر الماضي، وصدر حكم بحبسه لمدة ست سنوات مع الشغل والنفاذ لإدانته بمخالفة مقتضيات النظام العسكري. كما يواجه المحامي خالد على الذي كشف بدوره على نيته الترشح في الانتخابات القادمة، شبح الخروج من السباق الرئاسي حال تأييد الحكم الصادر ضده بالحبس ثلاث أشهر في اتهامات ملفقة بممارسة فعل فاضح خادش للحياء العام. أما المحامي الحقوقي خالد علي فلم يسلم أيضا من محاولات الملاحقة والتشهير الاعلامي ونال نصيبه من التعرض لحياته الشخصية ومحاولة التقليل من شأنه لكونه امتهن بعض المهن الشاقة في صغره وانتهي الامر باعلان خالد علي انسحابه من المشهد الانتخابي برمته احتجاجا علي الممارسات القمعية التي تنتهجها الدولة وعدم وجود اي ضمانات لنزاهة وحرية العملية الانتخابية. كذا فأن اخر المنضمين الي قائمة المرشحين المحتملين لرئاسة الجمهورية الفريق / سامي عنان، قد طالته الحملات الاعلامية بالتشهير والهجوم والاتهام بالعمالة والانتماء لجماعة الأخوان المحظورة وشق الصف الوطني وتم القبض عليه ويواجه الان محاكمة عسكرية كما قامت مجموعات مأجورة بمهاجمة والتعدي علي احد مستشاري الفريق سامي عنان ، سيادة المستشار هشام جنينة الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات كما واجه اعضاء من حملة سامي عنان واسرته ملاحقات قضائية وامنية وتلا ذلك الضغط علي احد القيادات السياسية الغير معرةوفة في حزب الغد لترشيح نفسه في الانتخابات في مشهد هو اقرب الي الكوميديا السوداء منه الي انتخابات حقيقة بهدف الايحاء للعالم بوجود منافسة انتخابية حزبية في مصر ينقل فيه النظام المصري التجربة الروسية السلطوية في منع المرشحين الجادين والزج بمنافسين وهميين تابعين للسلطة.
• التضيق على منظمات المجتمع المدني: يتعرض المجتمع المدني في مصر إلى حملة من التضيق والمحاصرة الامر الذي بات يتجاوز استهداف الجمعيات الحقوقية، التي تلعب دوراً أساسياً في توثيق وكشف انتهاكات حقوق الانسان، إلى سحق النشاط الأهلي بمختلف أشكاله، ليس فقط عبر حملات التشويه والتخوين التي تشنها الآلة الإعلامية الموالية للنظام ضد كل المنتمين لهذه الجمعيات والتشكيك في نشاطاتها، لكن عبر مزيد من القيود القانونية التي تجعل عمل المنظمات الأهلية في مصر شبه مستحيل، وظهر ذلك من خلال صدور قانون تنظيم الجمعيات الاهلية الجديد، الذي يهدف بشكل أساسي إلى تأميم العمل الأهلي، بالنظر إلى القيود المشددة والعقوبات غير المسبوقة التي يفرضها على نشاط منظمات المجتمع المدني. كما منعت العديد من المنظمات المحلية والدولية ذات الباع والسمعة في مراقبة الانتخابات من الحصول علي تصاريح لمتابعة سير العملية الانتخابية وتم الاعتماد بشكل كامل علي المؤسسات التابعة والموالية للدولة.
• ضعف الأحزاب السياسية: باتت أغلب الأحزاب المصرية تعاني من ظاهرة التفكك الداخلي، ومنها أحزاب الوفد والدستور والديمقراطي الاجتماعي والمصريين الأحرار، ما أضعف من قدرة هذه الأحزاب على تقديم مرشح ينافس السيسي، هذا بالإضافة إلى القيود المتعلقة بالعمل الحزبي وخصوصا حال تواصل الأخيرة مع الشارع. والضغوط التي تعرض لها بعض الكوادر الحزبية أخيرا والتي طالت البعض بالحبس والآخر بالتشويه الإعلامي والثالث بالتهديد المباشر وغير المباشر خير دليل على ذلك.
• السيطرة على المشهد الإعلامي: تأتي الانتخابات الرئاسية القادمة وسط سيطرة تامة لنظام السيسي على الاعلام، من خلال إحكام القبضة على الصحف والقنوات الرسمية والخاصة وتوظيفها بملف الانتخابات الرئاسية من خلال انحيازها للرئيس السيسي و"شيطنة" المرشحين المنافسين، هذا بالإضافة إلى تشكيل المجلس الأعلى لتنظيم الاعلام والهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام، واختيار شخصيات محسوبة على النظام الحالي لتكون على رأس هذه الهيئات، في المقابل قامت الحكومة بقمع الصحفيين المعارضين وحجب ما يقرب من 400 موقع اخباري وأخري تابعة لمنظمات حقوقية. علي صعيد أخر فان الهيئة الوطنية للانتخابات اعلنت القواعد العامة للتغطية الاعلامية ولكنها لم تتخذ اي اجراءات لوضع تلك التعلميات موضع التنفيذ كما انه القواعد لم تتضمن كيفية تعامل الاعلام مع الاخبار الخاصة بالرئاسة خلال فترة الانتخابات حتي لا يتم استخدام المهام الرئاسية في الترويج للسيد الرئيس علي حساب باقي المرشحين ودون احتساب التكلفة وهو الامر الذي كان يستلزم صدور بروتوكول خاص به كأحد العوامل الأساسية لضمان الحياد الاعلامي وعدم التحايل والتغطية غير المبررة لأنشطة الرئيس.
• الخطاب الديني : علي الرغم من مزاعم الدولة المصرية بمدنيتها وحياديتها الا ان كافة المؤسسات الدينية المسيحية منها والاسلامية قد وجهت المواطنين للتصويت الي الرئيس الحالي المشير عبدالفتاح السيسي وخرج ممثلي الأزهر الشريف والكنيسة المصرية بتصريحات تتعزل في السيد الرئيس وتدعو الي التصويت اليه .
• استمرار الدعاية : علي الرغم من القواعد القانونية التي تنص علي التزام الصمت الانتخابي ٤٨ ساعة قبل التصويت وفي ايام التصويت نفسها فأن الدعاية للمرشح الأوحد السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي لازالت مستمرة أمام اللجان و وعبر وسائل الاعلام. وعلي صعيد أخر فان السيد الرئيس الذي من المفترض كونه مرشحا لا يجب ان يتدخل في سير العملية الانتخابية فانه قام بزيارة غرفة عمليات الهيئة الوطنية للانتخابات وهو ما يتنافي مع قواعد حيادية العملية الانتخابية .
• الحرب علي الأرهاب : استخدام خطاب شعبوي يربط بين تصويت المواطن والحرب علي الأرهاب بزعم انه مشاركة المواطنين " رصاصة في قلب العدو " كما صدر في مانشيت صحفية الجمهورية اليوم وتصوير الانتخابات الرئاسية علي انها معركة مع الارهاب واستغلال اهالي شهداء الشرطة والجيش في الضغط المعنوي علي المواطنين واتهام المقاطعون بالعمالة والتقاعس عن خدمة الوطن.
ومن ثم يري مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف ان النظام المصري يحذو حذو اكثر الانظم الديكتاتورية في تقويض دعائم الديمقراطية وتضليل ارادة المواطنين كالنظام الروسي و أن المشهد السياسي والقانوني التي تعيشه مصر حالياً يفتقر للحد الأدنى من الضمانات اللازمة لإجراء عملية انتخابية حره ونزيهة , الانتخابات المزمع عقدها علي مدار الثلاث ايام القادمة تنافي كافة المعايير الدولية والمحلية لنزاهة الانتخابات وتعرقل المسار الديمقراطي في في مصر لانتفاء قواعد الديمقراطية الانتخابية بها وسيترتب علي ذلك اجهاض تام للعملية الديمقراطية وسبل تداول السلطة السلمية مما سيودي الي عواقب وخيمة وتدفع بالدولة المصرية الي مصير مجهول . وسيوالي المركز أصدار بيانات بشأن متابعة المشهد الانتخابي في مصر خلال الثلاث ايام القادمة لنقل وتوثيق الوضع في اطار معايير الدولية لنزاهة الانتخابات والالتزامات الدولية التي أقرتها مصر امام مجلس الامم المتحدة لحقوق الانسان بشأن عملية التحول الديمقراطي في مصر. ايمانا منا بأهمية دور المجتمع المدني في كشف وتوثيق التجاوزات والانتهاكات ونقل الصورة للمجتمع الدولي والرأي العام المحلي والدولي.